![]() ![]() |
|||||
|
![]() |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
الحمد لله العليم الحكيم؛ لطف بعباده فلم يرهقهم عسرا، وما جعل عليهم في دينهم حرجا، فأنزل سبحانه المعونة على قدر المؤونة، وجعل الصبر على قدر البلاء، وأمر بأداء الواجبات حسب المستطاع ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة:286] نحمده على ما هدانا وشرع لنا، ونشكره على ما أعطانا وأسبغ علينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ بيده آجال العباد وأرزاقهم، وهو وحده القادر عليهم، ولو شاء سبحانه لأهلكهم بغتة ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء:133] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ كان رحيما بأمته، حريصا عليها، يَعِزُّ عليه عنتُها، ويترك العمل مخافة أن يفرض عليها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أعلام الهدى، وأُولي البر والتقوى، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. نعيش الآن فصل الشتاء، نحُسُّ بنفثات برْدِه، نستنشق نسمات هوائه اللاذع، نتأمل في كيفية تدرج برودته على بني البشر؛ فكم لله من آيات في كل ما يقع الحس عليه، ويبصره العباد، وما لا يبصرونه. تأمل معي هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد، وفكِّر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته، ولو دخل عليه فجأةً لأضنَّ ذلك بالأبدان وبالنبات وأهلكها، ولولا العناية، والحكمة، والرحمة، والإحسان لما كان ذلك، فهل من متأمل ومتفكر؟! إن هذا الفصل نعيشه جميعا ولابد أن نستشعر أن هناك من هو أحوج بالرأفة والمساعدة منا، لابد أن نتذكر أولئك الذين لامس بل اخترق بردُ الزمهرير عظامهم. إن هناك مسلمين لا يحلم بل لا يتصور أحدهم، وإن شئت قل لا يتوقع في الحسبان أن يصل إليه ثوب قد جعلته أنت مما فضل من ثيابك وملابسك. قل لي بربك كم يملك أحدنا من ثوب؟ وكم يُفصِّل أحدنا من ثوب؟ وكم، وكم، وكم؟ خير كثير كثير، ونِعَمٌ لا تحصى، ولكن أين العمل؟ إلى الله المشتكى! لاَ تَحْقِرَنَّ صَغِيْرَةً إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى فهيا أخي؛ امضِ وتصدق ولو بشيء يسير؛ فربما يكون في نظرك حقيراً، وعند ذلك الفقير المحتاج كبيراً وعظيماً. فرح السلف قال عمر - رضي الله عنه – ![]() ومن درر كلام الحسن البصري: ((نِعْم زمان المؤمن الشتاء؛ ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه))، ولذا بكى المجتهدون على التفريط - إن فرطوا - في ليالي الشتاء بعدم القيام، وفي نهاره بعدم الصيام. ورحم الله معاذاً حيث قال: ((لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوباً)). وإنما كان الشتاءُ ربيعَ المؤمن؛ لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه قلبه في رياض الأعمال الميَسَّرة فيه، ويصبر المؤمن في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل به من جوع ولا عطش، وكان أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه – يقول: (( ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى. فيقول: الصيام في الشتاء)). وقيام ليل الشتاء يسير؛ لطوله فيمكن للنفس أن تأخذ حظها من النوم، ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة؛ قال ابن رجب - رحمه الله -: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف"، ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّر بزمهرير جهنم، ويوجب الاستعاذة منها. ذكر ابن رجب في حديث أبي هريرة، وأبي سعيد - رضي الله عنهما - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إذا كان يوم شديد البرد فإذا قال العبد: لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله تعالى لجهنم: إن عبداً من عبادي استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته، قالوا: وما زمهرير جهنم؟ قال: بيت يلقى فيه الكفار فيتميز من شدة برده)). وفي الحديث عند الشيخين وغيرهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف؛ فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير))، ورُوي عن ابن عباس قال: ((يستغيث أهل النار من الحر؛ فيغاثوا بريح باردة يصدع العظامَ بردُها؛ فيسألوا الحر ويستغيثوا بحر جهنم))[1] . هذا خبر من قبلنا، أما خبر أهل زماننا؛ فنسأل الله أن يصلح الأحوال؛ تضييع للفرائض والواجبات، واجتراء على حدود رب الأرض والسموات، وسهر على ما يغضب الله، ويُظْلِم القلب، ويطفئ نور الإيمان. فيا إخوتي، جدّوا في طلب مرضاة الرحمن في ليال الشتاء الطوال وفي غيرها، وأكثروا من صيام نهاره؛ فقد قال – صلى الله عليه وسلم –: (( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة)) رواه أحمد وحسنه الألباني إنها لغنيمة فأين المشمرون المخلصون؟![2] قال الخطابي: الغنيمة الباردة أي السهلة؛ لأن حرة العطش لا تنال الصائم فيه. قال ابن رجب: معنى أنها غنيمة باردة: أنها حصلت بغير قتال، ولا تعب، ولا مشقة؛ فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفواً صفواً بغير كلفة. فحري بك اقتناص هذه الغنيمة، لاسيما في الأيام الفاضلة مثل الاثنين والخميس، أو الأيام البيض ونحو ذلك. وصية عمر الشتوية: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية: إن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف، والخفاف، والجوارب، واتخذوا الصوف شعارًا - وهي ما يلي البدن - ودثارًا - الملابس الخارجية - فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه، ومن كلام يحيى بن معاذ: الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك. وعن عبيد بن عمير - رحمه الله - أنه كان إذا جاء الشتاء قال: "يا أهل القرآن طال ليلكم طويل لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا". والحمد لله رب العالمين... |
#2
|
|||
|
|||
![]() حياك الله اخي الفاضل اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك جزاك الله خيرا على الموضوع القيم المضمون أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم ودمتم على طاعة الرحمن وعلى طريق الخير نلتقي دوما
__________________
اللهمَّ أسألُك خشيتَك في الغيبِ والشهادةِ،
وأسألُك كلمةَ الإخلاصِ في الرضا والغضبِ، وأسألُك القصدَ في الفقرِ والغنى، وأسألُك نعيمًا لا ينفدُ وأسألُك قرةَ عينٍ لا تنقطعُ، وأسألُك الرضا بالقضاءِ، وأسألُك بَرْدَ العيْشِ بعدَ الموتِ، وأسألُك لذَّةَ النظرِ إلى وجهِك، والشوقَ إلى لقائِك، في غيرِ ضرَّاءَ مضرةٍ، ولا فتنةٍ مضلَّةٍ اللهمَّ زيِّنا بزينةِ الإيمانِ، واجعلْنا هداةً مُهتدينَ |
#3
|
|||
|
|||
![]() جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل / أبا ادريس
على هذا المحتوى القيم .. وبُوركت يمناك الكريمة ..جعلها في ميزان حسناتك الصالحة |
#4
|
|||
|
|||
![]()
ولكم بالمثل بارك اللهم فيكم
|
#5
|
|||
|
|||
![]()
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
قال ابن الجوزي رحمه الله ( من أحب أن لاينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم ) التذكرة . مدونة لنشر العلم الشرعي : https://albdranyzxc.blogspot.com/ http://aboabdulazizalslfe.blogspot.com/ قناة اليوتيوب https://www.youtube.com/channel/UCA3...GyzK45MVlVy-w/ |
#6
|
|||
|
|||
![]()
واياكم اخي سفيان
|
#7
|
|||
|
|||
![]()
مشكورين جزيل الشكر و بارك الله بكم
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كتاب(علم الساعة توضيح وبيان وتفسير مالم يفسر من القرآن)مباشر دون احالة | عبدالرحمن المعلوي | منتدى الشريعة والحياة | 8 | 07-08-2017 07:27 PM |
Copyright © 2000-2018 ArabsGate. All rights reserved To report any abuse on this website please contact abuse@arabsgate.com |